منعطف مثير يشهده البحث القضائي التمهيدي الذي تجريه الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بمراكش في ملف منطقة الأنشطة الاقتصادية بابن جرير، فمن المقرّر أن تستمع، ابتداءً من يومه الاثنين، إلى إفادات عشرة من مكتري محلاتها، بعد أن كانت الفرقة الأمنية قامت بزيارة ميدانية ثانية، يوم الجمعة المنصرم، للمنطقة الواقعة بحي “الوردة” بعاصمة الرحامنة.
واستنادا إلى مصدر مطلع، فقد استمع ضابطان من الفرقة، خلال زيارتهما الأخيرة للمنطقة مرفوقين برجل أمن تابعين للمنطقة الإقليمية للأمن بابن جرير وعون سلطة محلي، (استمعا) إلى بعض المكترين، حول عدد المحلات المغلقة، التي قدّر المصدر نفسه عددها في 18 محلا، من أصل 44 محلا، وفي شأن عدم قيام البلدية بفسخ عقود الكراء مع بعض المكترين، الذين حصلوا على وظائف، في الوقت الذي تحصر فيه الاتفاقية الإطار المحدثة للمنطقة ودفتر التحملات الخاص بها، الأشخاص المفترض استغلالهم لمحلاتها في المقاولين الشباب من أصحاب المقاولات الصغرى الحاملين للشهادات.
وكان الشق الأول من الأبحاث الأمنية التي تجريها الفرقة، التابعة للفرقة الوطنية للشرطة القضائية، تناول موافقة الرئيس السابق للبلدية برهن الأصول التجارية لبعض المحلات من طرف مكتريها، قبل أن تحجز عليها مؤسسة بنكية بسبب عدم سداد ديونهم، ويصدر حكم قضائي عن ابتدائية ابن جرير قضى بالبيع بالمزاد العلني للأصول التجارية لأربعة محلات مهنية. وكانت المعارضة بالمجلس السابق تقدمت بشكاية لدى الوكيل العام للملك لدى استئنافية مراكش، يتهمون فيها الرئيس السابق للبلدية، المنتمي إلى حزب الأصالة والمعاصرة، والذي ترأس مجلسها من أواخر 2011 إلى 2015، ب”تبديد أموال عمومية واستغلال النفوذ”، على خلفية موافقته، حين كان لا يزال يشغل مهمة النائب الأول لرئيس المجلس الجماعي الأسبق، على رهن الأصول التجارية للعديد من المحلات لدى الأبناك للاستفادة من قروض، كان من بينهم مستشارة سابقة بالجماعة القروية “صخور الرحامنة”، المنتمية بدورها للحزب الذي ينتمي إليه.
وفيما يعلل الرئيس السابق موافقته على الرهون بأنها جاءت بناءً على توصية من لجنة التشغيل الذاتي، المنبثقة عن المجلس الجماعي السابق، ومن أجل تشجيع المقاولين الشباب والنهوض بالمقاولات المحلية، تؤكد المعارضة السابقة بأن اللجنة المذكورة ليست من اللجان الدائمة، ولا يخول لها المشرع أية اختصاصات تقريرية، ولا حق له في رهن أملاك جماعية، تحت أي مبرّر، موضحين بأن المشتكى به تجاوز اختصاصاته دون اللجوء إلى المجلس، موضحين بأن تشجيع المقاولين الشباب لا يتم بخرق القانون، وأنه كان حريا به تكليف المقاولين الشباب بأشغال عن طريق سندات طلب، بدلاً من تفويتها إلى أتباعه والمقرّبين منه بطريقة غير قانونية، فضلا عن كونه لم يتمتع بأي تفويض من طرف الرئيس الأسبق للمجلس للسماح له برهن أملاك الجماعة، خالصين إلى أنه استغل نفوذه كنائب للرئيس وتصرّف، بشكل غير قانوني وبصفة انفرادية، في ممتلكات جماعية.
يشار إلى أن المنطقة المذكورة أحدثت في التسعينيات، بمقتضى اتفاقية بين بلدية ابن جرير، ممثلة في رئيسها الأسبق فؤاد عالي الهمة، المستشار الملكي الحالي، ووزير التجارة والصناعة الأسبق، إدريس جطو، غير أنه وبمجرد مغادرة عالي الهمة لابن جرير، ظلت المحلات بنايات مهجورة لأكثر من 10 سنوات، على امتداد ولايتين جماعيتين متعاقبتين (من 1997 حتى 2009)، قبل أن يتم توزيعها في عهد مجلس 2009 2015، غير أن العملية أثارت جدلا حادا منذ بدايتها، إذ توجه للمشتكى اتهامات بأنه حاول تفويت محل لابن أحد أعضاء المجلس السابق، واتخذ قرارات بشكل انفرادي دون استشارة اللجنة الثلاثية، التي يترأسها ممثل وزارة التجارة، وتضم ممثل البلدية وغرفة التجارة والصناعة والخدمات، كما جرى تفويت محلات في خرق لدفتر التحملات، الذي يشدد على نشر إعلان الكراء بمقر كل من البلدية والغرفة ومندوبية التجارة بمراكش وعمالة الإقليم، وفي جريدتين وطنيتين، ناهيك عن تقاعس البلدية عن استخلاص واجبات كراء المحلات، التي لا يؤديها بانتظام حاليا سوى 8 مستأجرين.